دردشة مع الحلواني
الوقت: بعد صلاة عصر التاسع من رمضان
المكان: نابلس- شارع رفيديا
الحياة تدب في أوصال الشوارع بعد فترة السكون والركود التي تلت صلاة الجمعة ، والمحلات التجارية تفتح أبوابها لتهيئ للناس فرصة للتبضع قبيل الإفطار..
وليوم الجمعة في نابلس تقاليده الخاصة التي تتغير فقط في رمضان، حيث تغلق كافة المحلات يوم الجمعة ، والذي هو يوم العطلة الأسبوعية الوحيد للتجار وأصحاب الحرف ، ولكن يتم تجاوز هذا التقليد في رمضان تسهيلا على الناس..
على ناصية الشارع يتحلق الشبان حول الحلواني ( أبو حربي التيتي) الذي بادرته بالتحية ليرد باسما :
-أهلا دكتور.
وأشير إلى صينية العوامة الكبيرة باسما ، فيومئ إلى صاحبه ليجهز لي طلبي ، وبعد أن أنقده الثمن أتوقف طويلا أرقب أصابع يديه التي تنسل قطعا صغيرة من قطعة العجين الكبيرة النائمة في قبضته بسرعة وخفة لتلقى في الإناء المليئ زيتا محدثا صوت احتراقٍ في الزيت الساخن ، لتغدو فيما بعد كراتِ العوامة اللذيذة بعد ان تغرق بالقَطر( محلول السكر).
وبعد ذلك انقل ببصري إلى واجهة المحل حيث خُطّ بيتٌ من الشعر:
رأيتـه سحـرا يقلـي زلابـيـةفي رقة القِشرِ والتجويفِ كالقصبِ
فابتسم وهو يراني أقرأ البيت باهتمام ليقول لي:
-هذا البيت لشاعر عراقي بطوني( أي محب لبطنه =شره) ، وكأنه يصف وقفتي تماما تماما . قال ذلك ضاحكا.
- ولكنك تقليها عصرا لا سحرا يا صاح. أجبته ضاحكاً
- أنتَ تعلم يا صديقي أن الوضع لم يعد يسمح بقليها سحرا ، فقد باتَ من المخاطرة ان تفتح دكانك سحرا ، إذ قد يكلفك الأمر حياتك...
ثم ترحم على ايام زمان ، عندما كان يبدأ يومه حقا مع سويعات السحر ليجهز لزبائنه الزلابية الطازجة ليمروا لتذوقها في الصباح وهم ميممون عملهم أو مقاعِد دراستهم. ..
هززتُ رأسي آسفا لأسفه ، ثم ابتسمت مودعا متمنيا له صياما مقبولا.